Skip to main content

شفاعة القدّيسين... انعكاس شفاعة المسيح وامتدادها

القديسين

العالم - الشفاعة، في مفهومها المسيحيّ، ليست مجرّد صلاة لأجل الآخَر، بل هي دخول في عمل المسيح الخلاصيّ. والكلام عن شفاعة القدّيسين ليس تقليلًا من شأن المسيح، بل هو إعلانٌ لامتداد جسده في السماء وعلى الأرض.

ترتكز شفاعة القدّيسين على ركيزتَين لاهوتيّتَين أساسيّتَين هما: شركة القدّيسين ووساطة المسيح، وفق ما بيَّنَ الأب نويران ناصر الدومنيكيّ في حديثه عبر «آسي مينا»، موضحًا أنّها انعكاسٌ حيّ للمحبّة التي تربط أعضاء الكنيسة بعضهم ببعض في المسيح، الرأس والوسيط الواحد.

ولفت إلى أنّ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يُعلّمنا أنّ شركة القدّيسين هي اتّحاد روحيّ بين أعضاء الكنيسة كلّهم، ولا تقتصر على الأرض، بل تمتدّ إلى السماء والمطهر. «فالقدّيسون في مجدهم، ليسوا منعزلين، بل مرتبطون بنا بعمق، ويُشاركون بنشاط في حياتنا الروحيّة».

وشدّد على أنّ شفاعة القدّيسين لا تحلّ محلّ وساطة المسيح، الوسيط الوحيد بين الله والناس (1 تي 2: 5)، ولا تنتقص منها، بل تعتمد عليها. فالمسيح أراد أن يشرك كنيسته في عمله الخلاصيّ، والقدّيسون بصفتهم أعضاء في جسده، يشاركون في هذه الوساطة بشكل ثانويّ وتابعٍ للمسيح، فتغدو شفاعتهم انعكاسًا وامتدادًا لشفاعته.

«شفاعة المسيح فريدة ولا يُشاركه فيها أحد، لأنّه الوحيد الذي فدى البشريّة. وهي شفاعة كفّارية لأنّها تتعلّق بغفران الخطايا والمصالحة مع الله. وهي بالتالي شفاعة مطلقة وشاملة تمتدّ لكلّ زمان ومكان. لذا، لا يمكن لشفاعة أيّ قدّيس أو ملاك أن تحلّ محل شفاعة المسيح المُرتَكِزة على صليبه وموته وقيامته»، بحسب ناصر.

وتابع: «شفاعة القدّيسين، بحسب اللاهوت الكاثوليكيّ، تَوَسُّلِيّة لا فدائيّة، فهم لا يشفعون بقوّتهم بل بفضل اتّحادهم بالمسيح، وبقوّة شفاعته، ويُمارسها المؤمنون الأبرار في السماء. كما يُعلّمنا سفر الرؤيا كيف "خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالعِشرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ القِدِّيسِينَ"».

يُعلِّمنا الكتاب المقدّس أيضًا أنّ «صلاة البارِّ تَعمَلُ بِقوَّةٍ عَظيمة» (يع 5: 16). ولنتذكّر أنّ أولى أعاجيب المسيح في عرس قانا الجليل جاءت استجابةً لكلمات بسيطة للعذراء مريم: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ».

وختم ناصر موضحًا أنّ القدّيسين لا يُنافسون المسيح بل يخدمونه، ومَن يُكرّمهم مقتَدِيًا بهم، يُكرّم الذي مجَّدَهم ليتّحد به، وأنّ شفاعتهم عطيّة ثمينة تمنحنا إيّاها الكنيسة لتُذكّرنا بأنّنا لسنا وحدنا في مسيرتنا نحو الله، بل نحن جزء من عائلة روحيّة كبيرة تُرافقنا وتعضدنا.

المصدر: جورجينا حبابة، آسي مينا.