
اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى، الكنيسة مدعوّة إلى مرافقة أبنائها والاقتراب منهم لمساعدتهم على تأسيس عائلاتٍ مسيحيّة ملتزمة، بدءًا بتهيئة المخطوبين ومرافقة المتزوّجين الجدد ثمّ رعاية العائلة روحيًّا على مدى مسيرتها، لتربّي أبناءها تربيةً مسيحيّة صحيحة.
تمضي الكنيسة اليوم قُدُمًا، حاملةً مسؤوليّةً مضاعفة في المرافقة والإرشاد إزاء تحدّيات عالمٍ رقميّ، مستفيدةً من مزايا الذكاء الاصطناعيّ، متمسِّكةً بروح التمييز، ومعلِّمةً أنّ الذكاء الاصطناعيّ خادم للعائلة وليس سيّدًا عليها، كما شرح الأب ميسّر المخلّصيّ.
نصيحة الكنيسة أم الآلة؟
وتابع: «يُقدّم لنا الربّ يسوع دليل الزواج الناجح حين يعلّمنا أنّ العاقل يبني بيته على الصخر والجاهل يبنيه على الرَّمل. قد تساعد النصائح الرقميّة الأزواج المعاصرين الباحثين عن حلولٍ عصريّة لمشكلاتهم، لكنّها تبقى عامّة وآليّة ولا يمكنها أن تغني عن لقاءٍ حيٍّ وإرشاد روحيّ، تقدّمه الكنيسة عبر كهنتها، ويفتح الأبواب أمام عمل الروح القدس».
الكنيسة لا تنفي أهمّية التكنولوجيا، ولا تقدِّم نفسها بديلًا منها، بل مرشدًا يوجِّه إلى استخدامها بطريقة صحيحة، وغايتها المحافظة على قدسيّة الزواج المسيحيّ كونه عهد محبّةٍ في المسيح، بحسب المخلّصيّ.
وأوضح: «دورات المرافقة تُسهم في منح تنشئة عائليّة مستدامة تتوافق مع الشكل الجديد الذي تأخذه العلاقة بعد الزواج بكلّ ما تتضمّنه من تحوّلاتٍ كبيرة والتزامات جديدة ومسؤوليّات تفوق استطاعة العائلة الجديدة أحيانًا، لذا تحتاج دائمًا مرافقين، يساندون بمحبّتهم ويرفدون بخبرتهم ويرشدون بمشورتهم، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا آلةً جامدة بلا روح».
الإفخارستيّا غذاء حياة الشركة
وأبرز المخلّصيّ أهمّية الحضور الدائم في الكنيسة، وبخاصّةٍ المشاركة في الإفخارستيّا، «فالقربان هو الطعام الروحيّ الذي يغذّي حياة الشَّرِكة بين الزوجين فيفهَمان من خلاله معنى الفداء والعهد، ويتمكّنان من التغلّب على كلّ الضغوط والإغراءات المحيطة بهما».
قد يُبهرنا عالم اليوم بما وصل إليه من تقنيّات وإمكاناتٍ واختراعات، وما زال يسعى إلى بلوغ المزيد. لكنَّ الإنسان المعتمد على الحقائق العلميّة المرئيّة والملموسة وحدها، دون العودة إلى الكلمة الإلهيّة التي تعلّمه الحكمة في استخدام هذه العلوم، كمَن يبني بيته على رمل الوهم، فالسعادة الحقّة لا تكمن في بلوغ الإنسان قمّة التقنيّة، بل في عيشه سلامًا داخليًّا لا يستطيع أحدٌ أن يسلبه إيّاه.
خلص المخلّصي إلى القول إنّ الإنسان يستطيع الإفادة من النصائح الرقميّة والإرشادات الروحيّة، دون أن يغفل أهمّية التحضير الإيمانيّ لفهم سرّ الزواج، بصفته عهدًا مقدّسًا يقِف طرفاه أمام الله في علاقتهما مُدركَين أنّهما سيكونان جسدًا واحدًا، مميَّزَين غير منفصلَين، مُشتَرِكَين في مسؤوليّة بناء عائلة مسيحيّة.
المصدر: آسي مينا / جورجينا حبابة