تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رحلة العائلة المقدّسة إلى مصر وأبعادها النورانيّة

الهروب

العالم - تحتفل الكنيسة المقدّسة بتذكار هروب ربّنا يسوع المسيح إلى مصر في تواريخ مختلفة، منها 18 سبتمبر/أيلول من كلّ عام. في هذه الرحلة تحقَّقت نبوءات العهد القديم وفاضت النعمة والبركة في أرض مصر حتّى باتت أيقونة حيّة في ذاكرة الإيمان المسيحيّ.

«تراءى ملاكُ الربّ ليوسف في الحلم وقال له: قُم فَخُذِ الطفلَ وأمَّه واهرُب إلى مصر وأقِم هناك حتّى أعلِمكَ، لأنّ هيرودس سيبحث عن الطفل ليهلكه. فقام فأخذ الطفل وأمّه ليلًا ولجأ إلى مصر» (متّى 2: 13- 23). توجز لنا هذه الآيات كيف انطلقت رحلة العائلة المقدّسة إلى أرض مصر، بحسب رواية إنجيل القدّيس متّى، محقِّقة نبوءات الكتاب المقدّس في العهد القديم. حضر المسيح بنفسه إلى مصر حتّى يراه المصريّون بعيونهم، وكي يُنهي عبادة الأوثان التي كانت منتشرة في تلك البلاد، وليهزّ أيضًا مملكة الشيطان ويُمهّد الطريق لانتشار المسيحيّة، إذ قال أشعيا: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ» (إش 19: 25).

كان دخول المسيح إلى مصر بركة كبيرة لأرضها وشعبها. وتخطَّتْ هذه الرحلة الحيّز الدينيّ والتاريخيّ، إذ ألهمت خيال كبار الرسّامين في الشرق والغرب، خصوصًا في العصور الوسطى وعصر النهضة تحديدًا. وجد الرسّامون في مضمون هذه الرحلة أبعادًا نورانيّة تحاكي الروح والبصيرة والوجدان، مجسّدة لحظات الألم، والحماية الإلهيّة، لا بوصفها مجرّد مشهد بيبليوغرافيّ، بل لأنّها حدثٌ لاهوتيّ وإنسانيّ في الوقت نفسه.

كما تعكس رحلة العائلة المقدّسة إلى أرض مصر أحد أعمق الفصول الروحيّة في تاريخ الديانة المسيحيّة، فهي بلا شكّ أيقونة حيّة في ذاكرة الإيمان المسيحيّ. وحين توفّي الملك هيرودس، تراءى الملاك ليوسف في الحلم، قائلًا له: «قم فخذ الطفل وأمّه واذهب إلى أرض إسرائيل، فقد مات من كان يُريد إهلاك الطفل» (متّى 2: 20).

لِنُصلِّ في تذكار رحلة العائلة المقدّسة إلى مصر، حتّى نتعلّم على مثالها كيف نُصغي إلى الربّ ونسير وفق مشيئته، آمين.

المصدر: د.امال شعيا، آسي مينا.