تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

نابلس.. كنائس بلا مسيحيين

"والدي يرفض الهجرة لأنه مؤمن بالانتماء لوطنه ولوجوده المسيحي في موطن يسوع"

نابلس- نبض الحياة: تقرع كنيسة دير اللاتين أجراسها في مدينة نابلس داخل الضفة الغربية، إيذانا ببدء زمن المجيء، وهو عبارة عن أربعة أسابيع لإعداد المؤمنين والكنيسة لاستقبال عيد الميلاد المجيد.

لكن المجيء الإلهي الذي تجسد بولادة طفل المغارة في فلسطين، يقابله هجرة مسيحية سنوية لأبناء الأرض المقدسة، تدق ناقوس الخطر لسائر الوجود المسيحي فيها.

جريس سعادة الذي يبلغ ستة وعشرين عاما ابن مدينة نابلس يفكر بالهجرة مع أول فرصة مناسبة.

وقال جريس لنبض الحياة: انا شخصيا أفكر بالهجرة لعدة أسباب منها سياسية واقتصادية بشكل عام، مردفا: الأسباب السياسية تتمثل في تضييق الخناق علينا من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف: أشعر وكأنني أعيش في سجن كبير خصوصا في الفترة الأخيرة حيث تشهد محافظة نابلس اقتحامات احتلالية شبه يومية وحصار.

وأوضح جريس أن الواقع الاقتصادي في نابلس بالغ الصعوبة والتعقيد وسط غياب فرص العمل وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا في نهاية المطاف على الشباب الفلسطيني المسيحي، ما يدفعه للهجرة والبحث عن لقمة العيش في مكان آخر.

 

في نابلس عائلات مسيحية هاجرت بأكملها، ولم يبق منها إلا القليل، عائلة الشابة دينا خوري مثال على ذلك.

وقالت دينا لنبض الحياة: والدي الوحيد الذي بقي في فلسطين من عائلته، فيما هاجر إخوته الثلاثة لأسباب مختلفة، منها البحث عن عمل والدراسة ولم يعودوا الى فلسطين منذ سنوات.

وتابعت: والدي يرفض الهجرة لأنه مؤمن بالانتماء لوطنه ولوجوده المسيحي في هذا البلد، لأنه بلدنا وموطن يسوع وبالتالي يجب أن نبقى هنا مهما كانت المعاناة كبيرة بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ويشار الى أن نابلس التي تقع شمال الضفة الغربية تحظى بمكانة دينية كبيرة لدى المسيحيين، مر منها السيد المسيح وهو في طريقه الى الجليل، استراح على أرضها واسقته من مياهها امرأة سامرية، ليتحول المكان فيما بعد الى كنيسة بئر يعقوب، ورغم ذلك يعيش في نابلس اليوم قرابة 700 مسيحي فقط.

وحول هذه القضية، قال مختار رفيديا جمال سعادة لنبض الحياة: كان عدد المسيحيين في نابلس كبير، مردفا: سنة 1950 كان في نابلس حوالي 5000 مسيحي، لكن الان نابلس تفتقد للمسيحيين، إذ بقيت الكنائس وهاجر المصلون.

وأكد أن المسيحيين يعيشون في منطقة رفيديا وهي قرية تقع غرب مدينة نابلس وباتت اليوم تعتبر أحد أحيائها، حيث قال في هذا الصدد: حاليا نحن في نابلس ورفيديا حوالي 700 مسيحي فقط رغم وجود 8 كنائس.

وتابع سعادة: لا يمكن تخيل نابلس بدون مسيحيين، نحن ملح المحافظة ولا نكهة للطعام من دون الملح.  

يذكر أن نابلس مثال مصغر لفلسطين، إذ تشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الى تراجع الوجود المسيحي فيها الى أقل من واحد بالمئة، بعد أن كانوا يشكلون قبل نكبة عام ثمانية وأربعين حوالي اثني عشر في المئة من السكان.