
في 2 أكتوبر/تشرين الأوّل من كلّ عام، تُحيي الدول اليومَ العالميّ للاعنف، لتُذكّر العالم برسالة السلام التي تتخطّى حدود الزمان والمكان. في هذه المناسبة، يُضيء الشدياق جاد فغالي، على التحوّل العميق الذي يكشفه الكتاب المقدّس؛ من مشاهد العنف في العهد القديم، إلى نداء المحبّة والتسامح الذي حمله المسيح بتجسّده وبذله ذاته لأجل خلاص البشريّة.
يقول فغالي: «أقرَّت الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة يوم 2 أكتوبر/تشرين الأوّل تاريخًا للاحتفال باليوم الدوليّ للاعنف. في هذا اليوم، يُحتفَل أيضًا بميلاد المهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة اللاعنف. وقد نصَّ قرار الجمعيّة العموميّة المؤرَّخ 15 يونيو/حزيران 2007 على إحياء اليوم الدوليّ لنشر رسالة اللاعنف، بما في ذلك عبر التعليم وتوعية الجمهور. ويُشدّد القرار أيضًا على الأهمّية العالميّة لمبدأ اللاعنف والرغبة في تأمين نشر ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاعنف».
ويُتابِع: «لا يمكن حصر روح اللاعنف في مناسبة واحدة، لأنّ الله الذي تجسّد وصار إنسانًا لأجلنا كشَفَ لنا بهاء المحبّة وعمق السلام، ودعانا إلى جعلهما نهجًا لحياتنا اليوميّة. وإذا عدنا إلى العهد القديم في الكتاب المقدّس، نرى صورًا كثيرة للعنف تثير في داخلنا القلق، لكنّها في الوقت نفسه تكشف لنا أنّ الكتاب المقدّس هو تاريخ علاقة الشعب بالله. وحين يبتعد الإنسان عن الله الذي يمثّل المحبّة بذاتها، تنطفئ المحبّة حُكمًا من حياته، ويسيطر بذلك العنف على العلاقات الإنسانيّة».
ويروي: «الكتاب المقدّس يُبيّن في العهد القديم كيف تطوّر الشرّ، منذ سقوط آدم، وإقدام قايين على قتل أخيه هابيل، وصولًا إلى مشهد الطوفان الذي يشير إلى المياه التي ترمز إلى الموت في الإنجيل. وقد بنى الشعب برج بابل تعبيرًا عن تمرّد الإنسان على الله. وهذا الواقع يدلّ على أنّ الشرّ لم يعد محصورًا في قتل الأخ لأخيه».
ويردِف: «أمام هذا العنف في العهد القديم، جاء يسوع في العهد الجديد متجسّدًا ليكشف وجه الله الحقيقيّ، جوهر المحبّة، ويقدّم ذاته ذبيحة لخلاص البشر. وقد أكّد بوصيّته الجديدة رفضه العنف: "كما أحببتكم أحبّوا أنتم أيضًا بعضكم بعضًا" (يو 13: 34). وأوضح أيضًا في مثل السامريّ الصالح (لو 10: 25- 37) أنّ القريب هو كلّ إنسان محتاج، وأنّ الدّين لا يقوم على العبادة فحسب، بل على الرحمة وأعمال المحبّة».
ويختِم فغالي: «نتساءل اليوم أين نحن من هذا الواقع؛ هل نتعامل بعنف مع الآخَر، هل نقتله بأقوالنا وسوء الظنّ به؟ فيا ربّ، علِّمنا كيف نختبر أنّكَ إله المحبّة والسلام، فنتّحد بك في كلّ يوم، لك وحدك كلّ مجدٍ وتسبيح».
المصدر: آسي مينا / د. آمال شعيا