
في خطوة جريئة لقطاع التكنولوجيا العالمي، أعلن الموظف العربي مثنّى الفارس استقالته العلنية من شركة "ميتا"، بعد أكثر من ثلاث سنوات من العمل داخل أروقتها، تقلّد خلالها مناصب بارزة وصلت إلى مدير مشاريع في قسم عمليات النزاهة والامتثال.
وجاءت استقالة الفارس، وفق بيانه الذي نشره على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك، تعبيرًا عن رفضه لما وصفه بـ"دور الشركة في تمكين انتهاكات حقوق الإنسان، وعلى رأسها الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين".
وأوضح الفارس أنّ رحلته داخل "ميتا" بدأت كمختص عمليات منطقة الشرق الأوسط، حيث لمس تحيّزًا واضحًا في سياسات إدارة المحتوى. وأشار إلى أنّ الانتهاكات باللغة العبرية كانت تُهمّش، بينما تُعطى طلبات الحذف القادمة من مصادر إسرائيلية الأولوية المطلقة.
وتابع: "رأيت كيف تُستغل ثغرات المنصات لجمع بيانات المستخدمين، وقد اعترفت قوات الاحتلال علنًا باستخدامها لاستهداف أشخاص بالاغتيال والاعتقال، لكن إدارة ميتا لم تقدّم ردًا كافيًا".
وأضاف أنّ انتقاله إلى قسم "عمليات النزاهة" عمّق هذه المخاوف، خصوصًا بعد تقارير عن شراكات ميتا مع شركات تصنيع الأسلحة، مثل شركة "أندوريل"، مؤكّدًا أنّ مساهماته التقنية في مجال الذكاء الاصطناعي قد تُسهم في تطوير أدوات تُستخدم لإراقة دماء الفلسطينيين.
احتجاج ضد التواطؤ التكنولوجي
وفي بيانه، شدّد الفارس على أنّ "السكوت لم يعد ممكنًا"، مبيّنًا أنّ شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أمازون، مايكروسوفت، غوغل، وأوراكل، إضافة إلى "ميتا"، تنخرط في عقود وصفقات مع شركات السلاح والأنظمة العسكرية، بما يجعلها طرفًا مباشرًا في جرائم الحرب.
وقال بلهجة تحذيرية: "التواطؤ في الفظائع الجماعية له عواقب لا يمكن لأي شركة الإفلات منها".
نداءات ورسائل متعددة
وجّه الفارس ثلاث رسائل رئيسية في ختام بيانه:
1. إلى قادة شركات التكنولوجيا: طالبهم بوقف العقود والصفقات التي تساهم في دعم الحروب والإبادات.
2. إلى الشعب الأيرلندي، حيث يعيش: دعاهم للضغط على ممثليهم المنتخبين لعدم السماح باستخدام الأجواء والمياه الأيرلندية في نقل الأسلحة إلى مناطق النزاعات، بما فيها غزة.
3. إلى زملائه في القطاع التقني: حثّهم على استخدام خبراتهم في خدمة قضايا إنسانية مثل الطب، الطاقة المستدامة، المناخ والتعليم، بدلًا من تطوير أدوات الموت.
استقالة تحمل دلالات عميقة
تأتي استقالة مثنّى الفارس في وقت تشهد فيه شركات التكنولوجيا الكبرى ضغوطًا متزايدة بشأن دورها في النزاعات المسلحة، خاصة مع الاتهامات المتكررة لــ"ميتا" بانحيازها ضد المحتوى الفلسطيني وتسهيلها وصول الدعاية الإسرائيلية، فضلًا عن تساهلها في مواجهة خطاب الكراهية باللغة العبرية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام موجة جديدة من الاستقالات أو الاعتراضات داخل قطاع التكنولوجيا العالمي، وتزيد من الحرج الأخلاقي للشركات المتورطة في دعم سياسات الاحتلال.
المصدر: وكالة وطن