تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

البابا يستقبل المشاركين في مؤتمر دولي بعنوان "لاجئون ومهاجرون في بيتنا المشترك"

الفاتيكان

الفاتيكان - استقبل البابا لاون الرابع عشر صباح الخميس في الفاتيكان المشاركين في مؤتمر دولي بعنوان "لاجئون ومهاجرون في بيتنا المشترك"، ووجه لهم خطاباً توقف فيه عند أهمية تعزيز ثقافة المصالحة في مجتمعات اليوم من أجل مواجهة عولمة الاستسلام.

استهل الحبر الأعظم كلمته مرحباً بضيوفه ومعرباً عن امتنانه للمشاركين في اللقاء بهدف النقاش والتأمل والتعاون حول هذا الموضوع الهام. ولفت إلى أن انطلاق المشروع على مدى السنوات الثلاث المقبلة يهدف إلى إطلاق خطة عمل تتمحور حول ركائز أربع أساسية: التعليم، البحث، الخدمة والمناصرة، معتبراً أن ضيوفه يسعون بهذه الطريقة إلى تلبية النداء الذي أطلقه البابا فرنسيس إلى العالم الأكاديمي كي يساعد الأخوة والأخوات المهاجرين ويلبي احتياجاتهم ضمن مجالات اختصاصه.

هذا ثم شدد البابا على ضرورة أن تتكاتف جهود شخصيات ناشطة في مختلف المجالات بغية مواجهة التحديات المطروحة اليوم أمامنا، نتيجة ارتفاع عدد الأشخاص المهاجرين واللاجئين والذي يُقدر اليوم بمائة مليون نسمة. وأمل لاون الرابع عشر أن تفضي النقاشات إلى إطلاق أفكار ومقاربات جديدة على هذا الصعيد، مع السعي دائماً إلى وضع كرامة كل كائن بشري في محور كل حل.

بعدها شاء الحبر الأعظم أن يقترح على ضيوفه موضوعين أساسيين لا بد من دمجهما في الجهود المبذولة وفي خطة العمل، ألا وهما المصالحة والرجاء. وقال إن من بين العراقيل التي نجدها أمامنا، عندما نتعامل مع الصعوبات المتصلة بهذه الظاهرة، مواقف اللامبالاة من قبل المؤسسات والأفراد على حد سواء. وذكّر بأن سلفه البابا فرنسيس تحدث في أكثر من مناسبة عن عولمة اللامبالاة، عندما يصبح الناس معتادين على معاناة الآخرين ولا يسعون إلى التخفيف منها. وهذا الأمر، مضى البابا يقول، يمكن أن يقود إلى ما سماه بعولمة الاستسلام، عندما نقف مكتوفي الأيدي، ونلزم الصمت وتخالجنا مشاعر الحزن، ونعتقد أنه لا حول لنا ولا قوة إزاء المعاناة التي يتعرض لها الأبرياء.

لم تخلُ كلمات البابا لاون الرابع عشر من الحديث عن ثقافة التلاقي التي تطرق إليها مرات كثيرة البابا فرنسيس مؤكدا أنها تشكل ترياقاً لعولمة اللامبالاة، وأضاف البابا بريفوست أننا مدعوون أيضا إلى مواجهة عولمة الاستسلام من خلال تعزيز ثقافة المصالحة. وقال إننا عندما نلتقي مع الآخرين نساهم في تضميد الجراح، ونغفر لبعضنا البعض على الشرور التي ارتكبناها، وتلك التي لم نرتكبها لكننا نحمل آثارها لغاية اليوم. ولفت إلى أن هذه العملية تتطلب صبراً والاستعداد للإصغاء إلى الآخرين، والقدرة على التماهي مع آلام الآخر، والإقرار بأننا نتقاسم الأحلام والآمال نفسها.

من هذا المنطلق شجع الحبر الأعظم ضيوفه على اقتراح طرق واقعية وملموسة من أجل تعزيز سياسات المصالحة، خصوصا في المناطق حيث ولّدت الصراعات الطويلة الأمد جراحات عميقة. وأشار إلى أن هذه المهمة ليست سهلة، لكن إذا تكللت بالنجاح الجهود الهادفة إلى إحداث تغيّر دائم، لا بد أن تشمل الطرق الكفيلة بملامسة القلوب والعقول.

هذا ثم قال لاون الرابع عشر للمشاركين في المؤتمر الدولي إنه ينبغي أن يتذكروا، في صياغتهم لخطة العمل، أن المهاجرين واللاجئين يمكن أن يكونوا شهوداً مميزين للرجاء بفضل قدرتهم على الصمود وثقتهم بالله، كما جاء في رسالة الحبر الأعظم لمناسبة اليوم العالمي الحادي عشر بعد المائة للمهاجرين واللاجئين. وذكّر بأن هؤلاء الأشخاص يحافظون غالباً على قوتهم فيما يبحثون عن مستقبل أفضل، على الرغم من كل العراقيل التي تعترض طريقهم.

بعدها أكد الحبر الأعظم أنه في وقت نستعد فيه للاحتفال بيوبيلَي المهاجرين والرسالات خلال السنة المقدسة، يود أن يشجع كل واحد من ضيوفه على أن يكونوا مثالاً وقدوة للرجاء وسط الجماعات التي يخدمونها، لأنه بهذه الطريقة تصبح تلك الجماعات مصدر إلهام للآخرين، وتساهم في إيجاد سبل لمواجهة التحديات التي تعترض حياتهم. في الختام تمنى البابا أن تتكلل أعمال المؤتمر بالنجاح وقال إنه يصلي كي يُلهمهم الروح القدس ويواصلوا العمل من أجل التوصل إلى حلول شاملة تعزز ثقافة التلاقي والمصالحة والتضامن الأخوي بشكل يعود بالفائدة على الجميع.

هذا ثم منح البابا الحاضرين والمتعاونين معهم بركاته الرسولية وشكرهم على الجهود التي يبذلونها.