Aller au contenu principal

توطئة كتاب "ممارسة حضور الله" للأخ "لوران القيامة" بقلم البابا لاون الرابع عشر

الفاتيكان

الفاتيكان - أصدرت مكتبة النشر الفاتيكانية هذا الجمعة مجلداً جديداً بعنوان "ممارسة حضور الله"، يحتوي على مجموعة من كتابات الراهب الكرملي الفرنسي نيكولا هيرمان، المعروف باسم الأخ "لوران القيامة"، والذي عاش في القرن السابع عشر. يتضمن الكتاب توطئة بقلم البابا لاون الرابع عشر يسلط فيها الضوء على أهمية اتباع الدرب التي يقترحها علينا الأخ لوران والتي ما تزال آنية بالنسبة لرجال ونساء الألفية الثالثة.

كتب الحبر الأعظم أن هذا المجلد الصغير يضع في المحور خبرة، لا بل ممارسة، حضور الله، كما عاشها واختبرها الأخ لوران، مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى القديس أغسطينس وغيره من القديسين، ترك هذا الراهب الفرنسي البسيط والمتواضع أثرا كبيراً في حياته الروحية وساهمت كتاباته في إرشاده على الطريق الواجب سلوكها من أجل التعرف على الرب ومحبته بشكل أعمق.

بعدها أضاف البابا أن الدرب التي يتحدث عنها الراهب الفرنسي هي بسيطة وصعبة في الآن معا، إنها بسيطة لأنها تتطلب فقط أن نتذكر الله دوماً من خلال التسبيح والصلوات والسجود، جاعلين منه مصدر وغاية وجودنا. وهذه الدرب هي صعبة أيضا لأنها تتطلب مسيرة من التنقية، والزهد والتخلي والارتداد الداخلي، ارتداد العقل والفكر، بشكل يتخطى الأفعال. وذكّر البابا في هذا السياق بما كتبه القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل فيليبي "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا"، ما يعني أن المؤمنين مدعوون إلى التجانس مع الله، ليس فقط من خلال المواقف والتصرفات، إنما أيضا بواسطة الفكر والمشاعر. وفي هذا البعد الداخلي نجد حضور الله، هذا الحضور المُحب والمتّقد، وهذا ما تحدث عنه أيضا القديس أغسطينس عندما قال إن الإنسان الجديد ينشد نشيداً جديدا.  

هذا ثم تطرق الحبر الأعظم في توطئة الكتاب إلى خبرة الاتحاد مع الله التي تناولها الأخ لوران، والتي هي عبارة عن علاقة شخصية قوامها التلاقي والحوار والمفاجآت والاستسلام الواثق والتام، وهذا ما ميّز حياة الكثير من القديسين الصوفيين الكبار، بدءا من القديسة تيريزا الأفيلية التي اختبرت هي أيضا هذه العلاقة مع الله، وهي مسيرة متاحة للجميع، لأنها بسيطة ويومية.

تابع لاون الرابع عشر لافتا إلى أن الأخ لوران كان يدرك تماما أن كل الأمور الأرضية، مهما عظمت ومهما كانت مأساوية، تبقى صغيرة أمام محبة الرب اللامتناهية. وقد كتب الراهب الفرنسي أنه شاء الدخول إلى الدير والترهّب لأنه أراد التكفير عن خطايا الصبا، فوجد حياة يملؤها الفرح. بعدها كتب البابا أنه من خلال المسيرة التي يقترحها علينا الأخ لوران، وعندما يشغل حضور الله فسحتنا الداخلية، ينمو فرح أن نكون معه، وتزهر النِعم والثروات الروحية، وتصبح الانشغالات اليومية أكثر سهولة وأخف وطأة.

هذا ثم لفت البابا إلى أن الكتابات والشهادات التي تركها لنا هذا الراهب الكرملي الفرنسي، الذي واجه بإيمان نيّر مشاكل عصره، الذي لم يقل عنفاً عن عصرنا، يمكن أن تشكل مصدر إلهامٍ وعضداً لحياة رجال ونساء الألفية الثالثة. وهذه المشاكل والصعوبات تعلمنا أنه لا توجد أي ظروف يمكن أن تفصلنا عن الله، وأن كل عمل نقوم به وكل خطأ نرتكبه يكتسبان قيمة إذا ما عشناهما بحضرة الله، وإذا ما قدمنا أنفسنا له.

في نهاية توطئة كتاب "ممارسة حضور الله" للأخ لوران، أكد الحبر الأعظم أن الخلقية المسيحية بأسرها يمكن أن تُلخص بتذكار حضور الله دوماً في حياتنا. إنه موجود معنا. وهذا الإدراك ليس مجرد تذكار، لأنه يعني مشاعرنا وأحاسيسنا، ويتخطى عملية اختزال الإنجيل على أنه مجرد سلسلة من القوانين والقواعد الواجب التقيد بها. وهذا الإدراك يُظهر لنا أن اختبار حضور الله الآب والتوكل عليه يعطياننا مائة ضعف في هذا الحياة، تماما كما وعدنا الرب يسوع.

وختم البابا لاون الرابع عشر مشددا على أن التوكل على حضور الله في حياتنا يعني أن نتذوق مسبقاً طعم الفردوس في هذه الحياة.