
لبنان - تحتفل الكنيسة المقدّسة بتذكار ميلاد العذراء مريم في 8 سبتمبر/أيلول من كلّ عام. في هذه المناسبة، نسلّط الضوء على كنيسة سيّدة التلّة الواقعة في بلدة دير القمر اللبنانيّة، وهي تُعدّ أقدم الكنائس المريميّة المارونيّة في لبنان.
كنيسة سيّدة التلّة موجودة في بلدة دير القمر، الواقعة على ارتفاع 850 مترًا فوق سطح البحر والتابعة لقضاء الشوف اللبنانيّ. وهذه الكنيسة واحدة من أهمّ المواقع التاريخيّة والدينيّة في البلدة، نظرًا إلى أنّها قديمة جدًّا. شيَّدها في بادئ الأمر الراهب نيكولا سميساتي فوق أنقاض معبد فينيقيّ قديم. ومن ثمّ أدّى زلزال إلى تدميرها عام 895، وأعيد بناؤها بأمر من فرسان الهيكل في خلال الحروب الصليبيّة. وبعدها، أعيد تشييدها مرّة ثالثة في عهد فخر الدين الأوّل (1518-1544). وقد بُنيت الكنيسة على الطراز الشرقيّ البسيط، وهي تعدُّ أقدم الكنائس المريميّة المارونيّة في لبنان، ويتجلّى في داخلها برج عالٍ وأقواس داخليّة جميلة، ولوحات للمسيح ومريم العذراء.
تسلّمت الرهبانيّة المارونيّة من أهالي دير القمر كنيستهم عام 1750، وأسَّست أوّل مدرسة ديمقراطيّة في الشرق، حيث كان يتعلّم مجّانًا أولاد الأمراء إلى جانب أولاد الفلاحين، من دروز ومسيحيّين. ورُمّمتْ هذه الكنيسة ووسِّعتْ نحو الغرب عام 1760. كما تمّت زيادة قنطرة جديدة فيها، في الطرف الغربيّ، سنة 1831. واستشهد اثنا عشر راهبًا من أبناء الرهبانيّة في خلال المجازر التي تعرّض لها المسيحيّون في دير القمر سنة 1860. ودفنوا بجانب الكنيسة، وأقيم نصب تذكاريّ لهم عام 1950، وخلّدت ذكراهم لوحة رخاميّة على الحائط دوِّنَت عليها عبارة: «هنا يرقد بالربّ شهداء دير القمر في سبيل الدين والوطن سنة 1860».
احتُفل للمرّة الأولى بعيد سيّدة التلّة رسميًّا في الأحد الأوّل من شهر أغسطس/آب 1937. ورُمّمتْ الكنيسة وجُدّد مذبحها سنة 1995. وفي عيد سيّدة التلّة عام 2001، بارك البطريرك المارونيّ الراحل نصر الله بطرس صفير، بحضور رئيس الجمهوريّة آنذاك، تمثال القدّيسة رفقا المنحوت من حجر دير القمر، والموضوع في الباحة الخارجيّة لكنيسة سيّدة التلّة بجانب السكرستيا. ورُفِعَ تمثال برونزيّ جديد لسيّدة التلّة فوق قبّة جرس الكنيسة عام 2003.
في 1 أغسطس/آب 2005، وبمناسبة عيد سيّدة التلّة، دُشّن معبد سيّدة شهداء دير القمر الذي يقع لجهة مدخل باب الكنيسة الرئيس، وافتُتِح متحف صغير في الجهة المقابلة لمزار سيّدة التلّة. ورمّمتْ غرفة النوم في الطبقة الأولى من مبنى الكنيسة، ورُفِع الردم الذي أظهر وجود ثلاثة أقبية من العقد. يقصد هذه الكنيسة زوّار من مختلف الأديان، بهدف الصلاة وإضاءة الشموع وطلب الشفاعة. وسيّدة التلّة لا تردّ خائبًا كلّ من يسألها نعمة.
أيّتها العذراء مريم، في تذكار ميلادكِ المجيد، نطلب صلاتكِ معنا، حتّى نتعلّم السير بحسب مشيئة ابنكِ الحبيب، سرّ فرحنا وخلاصنا الأبديّ.
المصدر: آسي مينا / د. آمال شعيا