الطيبة – نبض الحياة - أكد السفير فيسلاف كوسيل، رئيس مكتب تمثيل جمهورية بولندا لدى دولة فلسطين، خلال مشاركته في افتتاح "ليالي الميلاد – عيدنا حكاية أرض" في الطيبة شرق رام الله، على عمق العلاقة الروحية التي تربط بولندا بالأرض المقدسة، مشددًا على دعم بلاده للشعب الفلسطيني وتضامنها مع المجتمع المسيحي المحلي في هذا الظرف الحساس.
وقال السفير إن وجوده في الطيبة، "البلدة المرتبطة بجذور المسيحية الأولى"، يشكّل فرصة للتأكيد على القيم المشتركة التي تجمع الشعوب، وعلى أهمية الحفاظ على التراث الحي الذي تقدّمه فلسطين للعالم المسيحي. وأشار إلى أن افتتاح المغارة الميلادية الجديدة في ساحة كنيسة اللاتين "علامة رجاء للمنطقة بأسرها".
وتوقف كوسيل عند الظروف الصعبة التي يعيشها السكان، لافتًا إلى أن "صمود أهالي الطيبة واحتفالهم بكرامة وثبات رغم التحديات" يعكس قوة الإيمان وقدرة المجتمع على التمسك بالرجاء. وأكد أن وجود ممثلين عن السلك الدبلوماسي في الاحتفال يحمل "رسالة تضامن وصداقة مع مجتمع يواجه آثار الصراع والاحتلال والعنف ضد المدنيين".
وتطرّق السفير إلى الأوضاع في غزة، معتبرًا أن وقف إطلاق النار الأخير "على هشاشته" يفتح نافذة أمل بأن ينال المدنيون بعض الراحة، وأن تصل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، آملاً أن تجد العائلات قدرًا من الأمان في موسم الميلاد.
ودعا كوسيل المجتمع الدولي إلى رفض اللامبالاة والعمل من أجل "سلام قائم على العدالة والاحترام المتبادل والمغفرة"، مضيفًا أن كلمات القديس يوحنا بولس الثاني: "لا تخافوا" ما تزال ملهمة اليوم، وتذكّر بأن الخوف لا يجب أن يوجّه المستقبل.
وفي جانب آخر، عبّر عن أمله في عودة السياحة والحج إلى فلسطين، مشيرًا إلى أن الزوار البولنديين لطالما كانوا جزءًا مهمًا من الحياة الدينية والاقتصادية في الأراضي المقدسة. وأوضح أنه أمضى يومًا كاملًا في بيت لحم، مؤكدًا أنها "مستعدة وآمنة لاستقبال الحجاج"، لكنه أشار إلى صعوبة الوصول بسبب الحواجز الإسرائيلية، معربًا عن أمله في إيجاد حلول تسمح للزوار بالوصول بسهولة خلال موسم الأعياد.
وختم السفير كلمته بتقديم التهاني بمناسبة الميلاد المجيد، متمنيًا أن تحمل رسالة العيد "سلامًا وعدلًا وأمانًا وكرامة لكل أبناء هذه الأرض".
وجاءت كلمة السفير في إطار افتتاح "ليالي الطيبة الميلادية – عيدنا حكاية أرض"، وهي فعالية تحتضنها الطيبة، تجمع بين الصلوات والعروض الموسيقية والدبكة والأنشطة المجتمعية التي تبرز حضورها المسيحي وتراثها المحلي. تمتد الليالي على عدة أيام وشاركت في تنظيمها هذه السنة كنائس البلدة الثلاث بالتعاون مع مؤسسات كنسية وأهلية، لتشكّل مساحة تحتفي بالميلاد وتؤكد ارتباط الناس بأرضهم رغم الظروف الصعبة. ومع مرور السنوات، باتت هذه الليالي علامة مميزة في المشهد الثقافي والروحي الفلسطيني، تجذب الزوار والدبلوماسيين والوفود الأجنبية إلى بلدة صغيرة ما تزال تروي حكايتها بثبات وإيمان.