
القدس – نبض الحياة – أعلنت البطريركية اللاتينية في القدس، في بيان لها، عن مبادرة استثنائية بمناسبة اقتراب ختام سنة اليوبيل، تقضي بإعفاء جميع العائلات المستحقة من الديون المتراكمة لمدارس البطريركية عن السنوات السابقة، مع استثناء العام الدراسي 2024-2025.
وجاء القرار، الذي اتُّخذ بعد مشاورات واسعة مع النواب البطريركيين ومديري المدارس، ليشكّل علامة ملموسة على روح اليوبيل الذي يحمل شعار "الرجاء لا يخيب" (رومية 5:5). وأوضحت البطريركية أن هذه الخطوة تهدف إلى التخفيف عن كاهل العائلات المتضررة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتعزيز قيم العدالة والتضامن في زمن تتفاقم فيه أزمات الحرب والعنف.
وأكدت البطريركية أن هذه المبادرة تعبّر عن رسالتها الرعوية والتربوية في آن واحد، إذ تتحمل مسؤولية روحية واجتماعية تجاه العائلات المسيحية في الأرض المقدسة. فالقرار لا يقتصر على إعفاء مالي، بل يعكس التزام الكنيسة برسالتها التعليمية ودورها في بناء الإنسان والحفاظ على الهوية المسيحية في المنطقة. ورغم التحديات المالية الكبيرة، شددت البطريركية على أن الخيار كان مبنيًا على الثقة بالعناية الإلهية، وعلى قناعة راسخة بأن الكنيسة مدعوة دائمًا لتجسيد قيم الرحمة والتضامن والعدالة، خاصة في زمن يشهد أزمات متفاقمة وحروبًا تلقي بثقلها على العائلات والمؤسسات.
وأشارت إلى أن اتخاذ هذا القرار لم يكن سهلاً بسبب التكلفة المالية الباهظة، لكنه جاء ثمرة رؤية روحية تعتبر اليوبيل زمن توبة وغفران وتجديد للعلاقات مع الله ومع الآخرين. كما ربطت بين المبادرة وروح اليوبيل الكتابي الذي ارتبط تاريخيًا بممارسات عملية مثل تحرير الديون وإعادة الحقوق.
وفي الوقت نفسه، شددت البطريركية على أن هذه الخطوة لا تعفي العائلات أو المؤسسات من مسؤولياتها المستقبلية، بل تمثل دعوة لتعزيز روح التعاون والمسؤولية المشتركة في مسيرة الكنيسة التعليمية والتربوية.
وختمت البطريركية بيانها بدعوة مديري المدارس إلى المباشرة بتنفيذ القرار وإبلاغ الأسر المعنية فورًا، مؤكدة أن هذه المبادرة ليست فقط علامة نعمة وغفران، بل أيضًا خطوة عملية لإحياء الرجاء وتجديد الثقة بالمستقبل.
خدمة متجذّرة في حياة الكنيسة
إلى جانب مبادرتها الأخيرة، تواصل البطريركية اللاتينية رسالتها الشاملة على مختلف الأصعدة. فعلى المستوى التعليمي، تدير شبكة واسعة من المدارس والجامعات وتقدّم منحًا وإعفاءات للأقساط دعمًا للأسر المتعففة. وعلى الصعيد الصحي، تساند مستشفيات ومراكز طبية في القدس والضفة الغربية وغزة، مسهّلة الوصول إلى خدمات الرعاية الأساسية. أما في المجال الثقافي والراعوي، فتسعى إلى تعزيز الهوية المسيحية وترسيخ القيم الروحية في المجتمع. وفي الشقّ الإغاثي والإنساني، تضطلع البطريركية ومؤسساتها، ومنها مؤسسة "آفاق"، بدور محوري في مساعدة العائلات المتضررة من الأزمات، وخلق فرص عمل، وتقديم الدعم المباشر في غزة والضفة الغربية، خاصةً للأسر المتعففة والطلبة في المدارس والجامعات.