
بيروت - الخوف هو شعور بعدم الارتياح أو القلق تجاه خطر محتمل، سواء أكان هذا الخطر حقيقيًّا أو متخيَّلًا. ويمكن أن تكون المخاوف طبيعيّة أو حالة مَرَضيّة. ولتسليط الضوء على سُبل التعامل مع مخاوفنا انطلاقًا من الكتاب المقدّس، تطلّ الأخت ربيعة مطران، من الراهبات الباسيليّات الشويريّات، وهي متخصّصة في الليتورجيا وحازت أيضًا دبلومًا لتنشئة المُنشئين.
تقول مطران: «الخوف أمرٌ طبيعيّ يُرافِق الإنسان منذ طفولته، لكنّه يُمكن أن يكون عائقًا في طريق تقدّمه، لأنّه يُسيطر عليه. إنّما أين تكمن البطولة؟ إنّها تتجلّى في سيطرة الإنسان على الخوف، لتتحوّل هذه السيطرة إلى شجاعة تُمكِّنه من مواجهة ما يحصل له».
وتزيد: «أشكال الخوف تبرز عندما تتقلّص عضلات الإنسان، وتتسارع دقّات قلبه وتضيق أنفاسه، وهي تجعله يهرب، في مرّات عدّة، لأنّه عاجز عن اتّخاذ القرار المناسب. فكيف نستطيع، انطلاقًا من الكتاب المقدّس، تجاوز مخاوفنا من المجهول في ظلّ كلّ ما يُحيط بنا من تحدّيات، ووسط عالم سريع التطوّر، ووجود الذكاء الاصطناعيّ، والتكنولوجيا والتقنيّات الطبّيّة المتطوّرة؟».
وتشرح: «يَستوقِفُنا حَدَثان في الإنجيل، الأوّل: "وإذا اضطرابٌ عظيم قد حَدَث في البحر حتّى غطّت الأمواجُ السفينة، وكان هو نائمًا. فَدنوا منهُ وأيَقَظوهُ وقالوا له: يا ربّ، نجّنا، لقد هلكنا. فقال لهم: ما لكُم خائفين يا قليلي الإيمان؟ ثمّ قام فزجر الرياح والبحر، فحدث هدوء تامّ (متّى 8: 24-26)". نحن اليوم نحيا وسط سفينة تتخَبَّط فينا، والأمواج عالية، والعالم يتطوّر في شكل مخيف ويفوق الوصف، لكنّ السؤال المهمّ هو: هل يسوع نائم في قلب سفينتنا، وهل قلوبنا تُشكّل وسادة له حتّى نكون مرتاحين؟ إذا كان الجواب نعم، فنحن بالطبع سنتخطّى الخوف. البطولة تبرز في الرجوع إلى يسوع الذي هو في قلب حياتنا وسلوكنا».
وتردِف مطران: «أمّا الحدث الثاني فيتجلّى من خلال هذه الآيات: "ولا تَخافوا من الذين يَقتُلون الجسدَ ولكنَّ النَّفْسَ لا يَقدِرُونَ أن يَقْتُلُوها، بَل خَافوا بِالحَرِيِّ من الذي يَقدِرُ أن يُهلِكَ النَّفْسَ وَالجسدَ كِلَيهما في جَهَنّم. أَلَيسَ عُصفورانِ يُباعانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنهما لا يَسقُط على الأرض بدونِ أَبِيكُم. أمّا أنتم، فشعر رؤوسكم نفسه معدود بأجمعه» (متّى 12: 29- 30).
وتروي: «نستشفّ من هذه الآيات أنّ المسيح يقول لنا: لا تخافوا إن حاول أحدهم السيطرة عليكم خارجيًّا، إنّما خافوا إذا حاول قتل روح الله فيكم أو حاول أن يبعدكم عن الطريق الصحيح وأن يضعكم في مكان كلّه قلق وخوف بعيدًا من وجه الربّ. نحن نتخلّص من مخاوفنا عندما نعمل على تفريغ الذات من الشوائب والتصرّفات السيّئة، ونذهب صوب حبّ الربّ وقراءة الإنجيل، وعيش الصلوات الشخصيّة، وممارسة الرياضة الجسديّة والروحيّة. مراقبة النفس ضروريّة كي نتخلّص من مشاعر الخوف، ومعالجة المشكلات بهدوء وحكمة، والله يقول لنا كلّ يوم: "لا تخافوا أنا معكم". الربّ لم يتركنا يتامى بل أعطانا روحه القدّوس، وأرسل تلاميذه كي يُتَلمِذوا العالم أجمع، حتّى يزيل الخوف من قلب كلّ إنسان، زارعًا الشجاعة مكانه».
وتختِم مطران: «يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، اجعل قلبنا مثل قلبك».
المصدر: الياس الترك، آسي مينا.