
القدس – "نبض الحياة" - في ظل التحديات الوجودية التي يواجهها المسيحيون في الأرض المقدسة، والتي تتجاوز الأرقام لتطال جوهر الهوية والانتماء، يبرز التعليم المسيحي كخط الدفاع الأول والأخير. وفي خطوة تاريخية، عيّن مجلس الأساقفة الكاثوليك في الأرض المقدسة المحامي فريد جبران كأول علماني يتولى منصب المدير التنفيذي للمدارس الكنسية في إسرائيل، والتي تضم 48 مدرسة كنسية.
يأتي هذا التعيين ليعكس التزام مجلس الأساقفة الكاثوليك العميق بقضايا المسيحيين في المنطقة، حيث يحمل جبران خبرته القانونية ومعرفته الواسعة باللغة العبرية، إلى جانب تفهمه العميق لواقع الكنيسة. جبران يتولى مهمة وصفها البعض بـ"المقدسة"، وهي المساهمة في الحفاظ على ما تبقى من الحضور المسيحي في الأرض المقدسة عبر مؤسسات التعليم التي تساهم في تشكيل الوعي وتنشئة الأجيال القادمة.
تتعدد التحديات التي سيواجهها جبران في مهمته الجديدة، بما في ذلك التحديات القانونية والإدارية، فضلاً عن ضرورة تحديد موقع المدارس الكنسية في معادلة البقاء المسيحي في المنطقة.
يرى الكثيرون في هذه التجربة فرصة لاستكشاف إمكانية توحيد الصف المسيحي انطلاقًا من مقاعد الدراسة، وهي خطوة قد تكون حاسمة في توحيد الجهود المسيحية لمواجهة التحديات المشتركة. ويبرز تساؤل مهم: هل يمكن أن تشكّل المدارس الكنسية نقطة انطلاق نحو وحدة الكنائس؟ وهل يمكن أن يكون التدرج في عملية وحدة المدارس الكنسية الكاثوليكية هو نفس النموذج الذي يُطبق على وحدة الكنائس، بحيث يتم بشكل تدريجي كما حدث في الماضي بعد الانشقاق الكبير؟ هذه التساؤلات تمثل آمال العديدين في أن تكون المدارس الكنسية حجر الأساس لإعادة لمّ الشمل المسيحي في الأرض المقدسة.
وبينما يبدأ جبران مسيرته في إدارة هذه المدارس، فإن مهمته تتجاوز الجانب الأكاديمي، لتصبح جزءًا من نضال أوسع يهدف إلى حماية الهوية المسيحية وصون الحق في التعليم الكريم والمتساوي. فالمدارس الكنسية ليست مجرد مؤسسات أكاديمية، بل هي حاضنات ثقافية وإيمانية تزرع في الأجيال الجديدة معنى الانتماء لهذا الوطن الجريح.
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الوجود المسيحي في الأرض المقدسة، تتصدر المدارس الكنسية جبهة الدفاع عن الهوية والثقافة والإيمان. ومن خلال تعيين المحامي جبران، يعكس مجلس الأساقفة الكاثوليك التزامه الكبير بحماية "القطيع الصغير" وضمان مستقبل مشرق للمسيحيين في هذه الأرض المباركة.